حدث هذا سنة ألفين وأحد عشر ، دعنا الآن من ذكر تفاصيل التاريخ ، فالعالم الخارجي لا يهمنا في شيء سوى . .
"كيف كنت قبلاً ؟"
هذا سؤال أطرحه على ذاكرتي فلا تعيد إليّ مِن ما تختزن سوى بضع مشاهد وصور ومواقف ، وذكريات غير بصرية أخرى .. إليك بضع شهور قبل التسجيل ، إسمي .. ليس مهماً ، عمري ... ليس مهماً أيضاً .. جنسي .... ليس مهماً كذلك ، المهم أنني كنت إنسان بدأ ينحرف من سبيل إلى سبيل ، إلى الوحدة .. إلى الملل ..إلى الفحولة في المراهقة ، إلى حلم ما بعد كل يوم . . ماذا سيكون الجديد ؟
لم أكن حينها مخلوق فاقد السيطرة على نفسه وعقله ، أو متعثر اللسان، ولم يكن في بالي حين كنت في بدايات إدمان القراءة أنني مستقبلاً سأعتبره .... نوع رخيص من المخدرات ، ماذا ؟ هل إتسعت عينيك عند هذه الكلمة ؟ ، أنت لا تعرفنِ .. لا تعرف إسمي .. لا تعرف جنسي .. ولا أين أعيش !
ربما أكون خيالاً ،شخصية من على الورق يدون أحدهم كلمات عنها ويتقمصها ، فيحكي على لسانه كأنه .. أنا ، وإن كنت حقيقياً لا تقلق ، فأنا لست أخوك أو أختك أو إبن خالك أو إبنة عمتك ... إنسان ينتمي لعائلة لا يدري حقاً كيف ورث منهم صفاته التي لا تنتمي لأنفسهم بصِلة ، إليك قبل العثور على الموطن الإفتراضي ..
أخبرتك أننا الآن سنة ألفين وأحد عشر ، لا أعرف ما مضى ولا أعرف ما يجري ولست بدراية عن المستقبل ، فأنت الذي تعرفه عني فقط ، أنني بن العرب ...ولكن هل تعرف إن كان أصلي منهم ؟
المدرسة ، الأسرة ، الصديقة ، الناس .... السماء
لن أقول أنني حينها كنت ملاكاً ، بل كنت جاهلة لا أدري بأن تلك الدنيا "عجوز" ، لا تستخف من فضلك بالتشبيه لأنه ليس لي ، قال لي أخي منذ قريب سابق والله أعلم حياله "أن النبي صل الله عليه وسلم كان سينظر لها ، فحذره جبريل وقال له لا تنظر .." أتعلم من كانت ، كيف كانت ؟
كانت الدنيا ، إمرأة عجوز بارعة القبح ، تترَدى زينة العذراء ليلة عرسها ، وهذه الحقيقة .. لكن عن نفسك أنت ، فأنا سأحترمك وستجد في نفسي إعجاب بك لو حولت الكابوس إلى حلم جميل .. سمعت هذه الجملة في إحدى الأفلام ، وقد أبقت في نفسي أثراُ لا أدري حقاً مداه ،وإنما أدري أنه موجود ..
الآن ، في سنة ألفين وأحد عشر ، أنا أتجول في الإنترنت ، إنه يشبه البحر الكبير ..وبالنسبة لي فمنتدياته ومواقعه تشبه المواطن ، والبريد الإلكتروني يشبه هوية كل شخص أسلم نفسه إليه ..كأن الإنترنت آسر ومالك لِمَن ولج إليه كأنما يلج باباً .. يتحول من لحم ودم وعظم ، إلى بيانات ومعلومات وجسد ضوئي وهمي غير ملموس ..
إنني جسد صغير بلا هوية أتجول بالمحيط الأعظم الذي تسبح المواطن على سطحه ، يسمي بـ "جوجل"
كل موظن مختلف المساحة عن الآخر ، مختلف الشكل ، مختلف الهيئة ، مختلف السكان ، هذا ساكنوه ألف ، وهذا عشرة وهذا أكثر من المليون .. إنني أتجول وأجد في طريقي أوراق مرمية في البحر ، إنها دلائل .. نعم
أنت يا صديقي لا تعلم أليس كذلك ؟
الكتابة بالنسبة لي ، شيء مثل الآثار .. إنه دليل على حضارة الإنسان ، دليل على أنه ليس خرافة ، لقد كان موجوداً .. هذه كلمات ربما يقولها المستعمرون الفضائيين عنّا لو لوثنا الأرض ووجدنا أرضاً جديدة رحلنا إليها ..
إعذرني لأنني أذكر الواقع كثيراً ، أعتذر ..فأنا لا أنفصل عن الواقع لأنني إنسان ، ملموس .. مادي ،لحم ودم وعظم وليس بيانات ومعلومات وجسد غير ملموس ضوئي لا أكثر ، كانت تلك الأوراق المرمية في البحر تدلني على إحدي المواطن "الشبيهة بالجزر" .. عندما كنت أقرأ كل ورقة أجدها وألتقط التب بعدها ، إنتهيت عند شاطئ هذا الموطن الذي عرفت إسمه ، كانت لافتة كبيرة كما اللافتات الرقمية الأخرى "لا تنس أننا في العالم الإفتراضي – الرقمي" كتب عليها :عيون العرب-ملتقى العالم العربي
وللأسف لم تكتمل الأوراق ،كانت رواية كتبها واحد شعب هذه الجزيرة "عيون العرب" لم يكملها ..في الواقع المادي نحن في الفجر ، وفي الجزيرة .. لا زمن هناك ..ولا حتي في العالم الإفتراضي كله .
إنني غريب ولم أسجل نفسي بعد كواحد من شعب عيون العرب ..علمت فيما بعد من تجوالي بالجزيرة وأنا غير مرئي للناس من شعبها ، فهناك إن كنت غريب لا تظهر لهم مرئياً ، بل جسد وهمي مكتوب عليه بالحروف الرقمية كلمة "زائر" ، الجزيرة كانت مقسمة لأقسام ، وأول قسم وطأته من أرضها كان مسمي
بـ "قسم روايات وقصص الأنمي" ، كانت هذه الكلمات مكتوبة بلفاتة صغيرة لا ترى للذي لا ينتبه ، وهناك واحدة أخرى أكبر منها قليلاً مكتوب عليها "الأقسام الأدبية" ..،كما أخبرتك نحن في الواقع بالفجر ،وفي الإفتراض لا زمن .. وجدت صندوق ، كل صندوق مكتوب عليه عنوان ..نعم هذه كانت المواضيع بالقسم ،والمثبت منها عبارة عن صندوق كتب عليه مثبت وتحتها عنوان الموضوع ، دخلت إلى الصندوق "الموضوع" ووجدت أوراق أخرى غير مكتملة ، في الواقع نحن قرب الصباح ، في الإفتراض ..أنهيت قراءة الرواية التي لم تنهيها العضوة بعد .
إنني في الواقع أشعر بالنعاس ، إنني في الإفتراض أختفي من الجزيرة ، وأختفي من البحر ..وأختفي من العالم الرقمي ،لأعود أنا الحقيقي المادي الملموس ، رباه ! لقد نسيت من أنا ..هذا بالظبط يا صديقي شعوري كل مرة كنت ألج فيها للعالم الإفتراضي ، ويمكنني تسمية الحاسوب بالكون الرقمي الإفتراضي .. حيث أن الإنترنت كوكب "عالم" و برامج الكتابة كـMicrosoft word أو كـSticky notes كوكب آخر ، وبرامج الألعاب كواكب داخل مجرة ، وبرامج العرض كـGom player أو الـMedia player كوكب أيضاً ..داخل مجرة برامج العروض ، فهناك كوكب لعرض الصور ، وآخر لعرض الكتب الإلكتونية وآخر لعرض الأصوات بلا الصورة ، وآخر هو البوابة لعرض العالم الإفتراضي ، ففي هذا الكوكب هناك Firefox Mozilla البوابة التي أدخل منها وحدي ..دوناً عن الآخرين ..
لا تسأم مني ولا تذهب ، أعدك في الفصل القادم سأبدأ بإخبارك عن التسجيل وما بعد التسجيل بعيون العرب ،وسأخبرك عن إسمي وهويتي كجسد رقمي إفتراضي ، الكون الإفتراضي و العالم الإفتراضي أيضاً ، ليس لهما قوانين طبيعية كالواقع ، يمكنك أن تكون شبحاً ، يمكنك أن تكون جسداً ، تستطيع أن تختار لنفسك الإسم وليس والديك ، تستطيع أن تغيره بنفسك كما شإت ، تستطيع الإنتقال من موقع إلى موقع في ثواني حسب سرعة الإنترنت وليس حسب سرعة السيارة وطول الطريق حين السفر بين بلد وبلد .
لقد سميت نفسي كما أشاء ، وإخترت لنفسي الشخصية التي أشاء ،الأمر كله يتغير حينما ترى كلمة Welcome البيضاء على الخلفية الزرقاء ، وتنتقل مباشرة إلى الكون الإفتراضي بظهور سطح المكتب ، أنت وحدك ، الله يراك ، لا تتنفس ، لا تتغذى ، لا تذهب للمدرسة ، يمكنك أن تكون أي شخص ، يمكنك أن تسافر لأي عالم تشاء ، البرامج ، المشاهدات ، التحميلات ،الإنترنت .....عيون العرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق